تقارير وشهود: بكين تفصل أطفال مسلمي الأويغور عن أسرهم وتسلخهم عن هويتهم
عبّر خبراء في حقوق الإنسان عن قلقهم البالغ بشأن التوسع الكبير لنظام المدارس الداخلية المُدار من الدولة الصينية بإقليم شينغيانغ، الذي يحرم الأطفال الأويغور التعلم بلغتهم ويفصلهم وغيرهم من الأقلية المسلمة عن أسرهم بما يؤدي إلى "استيعابهم قسراً".
ما تزال الانتهاكات الصينية بحق أقلية الأويغور المسلمة في تركستان الشرقية تتكشف فصولها يوماً بعد آخر، لتُظهر حجم المعاناة وانتهاك حقوق الإنسان التي يعانيها ملايين من مسلمي هذه الأقلية، وسط عجز دولي عن إنقاذهم.
ويقع إقليم شينغيانغ في تركستان الشرقية غرب الصين، ويقطنه 11 مليوناً من الأويغور المسلمين، استناداً إلى إحصائيات الحكومة الصينية، لكنّ مراكز إحصائية تتبع لأقلية الأويغور تتوقع أن العدد الحقيقي يقترب من 35 مليون مسلم في هذه المناطق.
تقرير جديد صادر عن خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نشر الموقع الرسمي للمنظمة نصّه، يكشف توسعاً كبيراً في نظام المدارس الداخلية التي تُديرها الدولة الصينية في شينغيانع، في مقابل تواصل إغلاق وإغلاق المدارس المحلية حيث يمكن توفير التعليم من خلال لغات الأقليات.
وأبدى الخبراء المستقلون، في بيان صحفي، قلقهم "العميق" من أن "المدارس الداخلية في شينغيانغ تدرّس بشكل حصري تقريباً باللغة الرسمية مع استخدام قليل أو معدوم للغة الأويغور وسيلةً للتعليم".
كيف تُدار المدارس الداخلية؟
يقول بيان الخبراء إن السلطات الصينية تفصل أطفال الأويغور والأقليات الأخرى عن أسرهم بصورة قسرية، وهو ما سيؤدي إلى استيعابهم في لغة الماندرين التي تستخدمها الأغلبية وتبني ممارسات ثقافة مجموعة الهان التي تمثل الأغلبية.
وشدد الخبراء على الطبيعة التمييزية لهذه السياسة، مشيرين إلى انتهاك حق الأقليات في التعلم دون تمييز وفي الحياة الأسرية والحقوق الثقافية.
"تعاملهم كأيتام"
بيان الخبراء الصحفي ذكر أنهم تلقوا معلومات حول انتزاع الأطفال على نطاق واسع، بشكل رئيسي أطفال الأويغور، من أسرهم، بما في ذلك الأطفال الصغار للغاية الذين يكون آباؤهم في المنفى أو محتجزين.
وأشار إلى أن الجهات المكلّفة من السلطات الصينية بإدارة هذه المدارس، تعامل هؤلاء الأطفال على أنهم "أيتام" ويجري إلحاقهم بمدارس داخلية بدوام كامل، أو دور الحضانة أو الأيتام حيث تكون اللغة المستخدمة حصرياً هي لغة الماندرين.
وقالوا: "قد لا يكون لدى الأويغور وغيرهم من أطفال الأقليات في المؤسسات الداخلية شديدة التنظيم والرقابة، تفاعل يذكر مع والديهم أو عائلاتهم الممتدة أو مجتمعاتهم لفترة طويلة من طفولتهم". وهو ما سيؤدي حسب الخبراء إلى فقدان الاتصال بأسرهم ومجتمعاتهم وتقويض روابطهم بهوياتهم الثقافية والدينية واللغوية.
سلخ الأويغوريين عن هويتهم
أكد رئيس حركة الجيل الجديد لتركستان الشرقية عبد السلام تكليماكان، أن الصين تهدف من خلال إجراءاتها في المدارس الداخلية هذه إلى سلخ الشعب الأويغوري عن هويته وثقافته وعقيدته.
وقال تكليماكان في تصريح خاص لـTRT عربي: "تستهدف الصين استئصال الشعب الأويغوري وتحويله إلى جيل منسلخ عن هويته الإسلامية والتركية".
وأضاف أن "الصين تسعى لاحتلال المنطقة احتلالاً كاملاً من خلال تذويب هوية المنطقة، دون أن يوجد مدّعٍ للحق من المسلمين".
وأردف تكليماكان أن الصين "تعمل في السنوات الأخيرة على إنشاء جيل جديد تابع لها، من ناحية الهوية واللغة والأيديولوجيا والثقافة، ضمن مشروعها الاحتلالي".
وختم الخبراء في تقريرهم بأن "الحجم الهائل للادعاءات يثير مخاوف خطيرة للغاية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية"، مشيرين إلى أنهم تواصلوا مع الحكومة الصينية بشأن هذه القضايا.
ومنذ عام 1949، تسيطر الصين على إقليم تركستان الشرقية، وهو موطن أقلية الأويغور التركية المسلمة، وتطلق عليه اسم "شينغيانغ"، أي "الحدود الجديدة".
وتعرضت سياسة بكين في تركستان الشرقية (شينغيانغ) لانتقادات واسعة النطاق من جماعات حقوقية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، ووجهت اتهامات إليها بنبذ الأويغور في الصين، معظمهم من المسلمين.
لكنّ الصين ترفض مراراً هذه الانتقادات لممارساتها تجاه أقلية الأويغور وتعتبر ذلك تدخلاً في شؤونها الداخلية.
TRT عربي - وكالات